في إحدى غرف المستشفى و على سريره جلس ذاك الطفل ليرتب أحلامه كم كان سعيداً وهو يحدث والدته عن أمنياته وعن شوقه للخروج بسرعة لتعود حياته كما كانت وأمه تستمع لحديثه تحاول ان تصدق كلامه الذي بدأ

لوهلة حقيقياً كانت سعيدة لاجل سعادته وتلك الدموع في عينيها فقط لانها تعلم يقينا ان ابنها لا يملك الوقت الكافي ليرى احلامه الجميلة واقعا اقصى ما سيحصل عليه هو سعادته و حريته في ان يحلم

في الغرفة المقابلة كان هناك رجل يستعد للمغادرة المستشفى يقال بأنه قد عاد من موعد وشيك مع الموت توقف قلبه لثوان بعد سماعه خبر إفلاسه و خسارته لامواله و شاء القدر ان يعود للحياة........... كم كان كئيباً و

كم تمنى لو انه لم يعد لهذه الحياة البائسة على حسب قوله ... فالحياة انتهت بالنسبة له كل ما يشغله هو عد السنوات التي ضاعت من عمره و التحسر على امواله التي لن تعود كان يسير بخطوات بطيئة و ثقيلة وكأنه

يساق لتنفيذ حكم بالاعدام

في الشارع المقابل للمستشفى كان هناك عجوز تغمره سعادة لا توصف فقد استطاع ان يجمع المبلغ الكامل لتغطية مصاريف ابنه العلاجية و أخيرا سيتمكن ابنه من المشي مرة اخرى و سيعيش حياة طبيعية كباقي الاولاد

تفكيره و خياله اخذاه بعيدا و ابتسم لا شعوريا لذلك الحلم قبل ان تصدمه سيارة مسرعة لأحدى ابناء الاثرياء الطائشين الذي نزل من سيارته دون ان يبدي اي ردة فعل تجاه ذلك العجوز الذي سقط ارضا في انتظار سيارة

الاسعاف كل همه كان الا يتأخر عن موعده لحضور احدى الحفلات الصاخبة التي يقيمها اصدقائه بين الحين و الاخر ... حتى عندما سأله الشرطي : لم يجب الا بأنه ابن المليونير المعروف فكيف لهم ان يوقفوه لاجل ذلك

اللاشيئ على حسب وصفه اتصال واحد من والده الذي كان في هذه الاثناء يشتري عقدا ثمينا لابنته كان كفيلا بأن يجعل المذنب بريئا و البريئا مجرماً!!

في الحي المجاور ذاك الطفل بثيابه الرثة المرقعة و أيديه المتسخة يحمل أحلامه على كتفه و يدور بين السيارات يبحث عمن يشتريها بأي سعر فقط ليوفر ثمن دواء والدته المريضة إتكئ للجدار بجانب محل لبيع المجوهرات

في هذه الاثناء خرج رجل من المحل وقد وقعت منه محفظته دون ان ينتبه....... ودون تفكير انطلق الطفل واخذ المحفظة وظل يركض توقف ليأخذ نفسا فتح المحفظه وجد بها مبلغا كبيرا قال في نفسه سأشتري لوالدتي

الدواء ثم اعيد المحفظة للمحل ليسلمها لصاحبها و سأخبره بأني أخذت منها مبلغا كدين و سأعيده عندما يتوفر لدي المال ....عاد الى المنزل و بعد ان أعطى الدواء لوالدته دخل لغرفته وهو يفكر ربما يكون الرجل محتاجاً

للمبلغ ؟ او قد يكون سيشتري به ايضا دواءا او اشياء اخرى ؟ لم يستطع النوم وقرر ان يذهب مبكرا منذ الصباح ليعيد المحفظة

في مبنى ليس ببعيد جلس احد المسؤولين على كرسيه داخل مكتبه الفخم يفكر في طريقة مناسبة تغطي عملية سرقة لمبالغ ضخمة عندما رن جرس هاتفه ليخبروه ان السائق ينتظره خارجا وضع الاوراق بالدرج و أحكم ربط

ربطة العنق و ارتدى نظارته الثمينة في طريقه لإلقاء محاضرة عن النزاهة و اخلاق المهنة !